كل ما يجب معرفته عن مناعة القطيع
ماذا يعني مصطلح مناعة القطيع
مناعة القطيع هو مصطلح ظهر في القرن التاسع عشر اذ لاحظ عالم الأمراض الوبائية ويليام فار هذه الظاهرة مع مرض الجدري الذي لم يتم السيطرة عليه الا بعد اعتماد التلقيح الجماعي الذي تجاوز ال 85 بالمائة من السكان. وأصبحت هذه الطريقة الآن مُعتمَدة كأداة أساسية للحول دون تفشي الأمراض.
لماذا سميت هذه الطريقة للتصدي للامراض المعدية بمناعة القطيع؟؟
عندما تسمع مصطلح “قطيع”، ربما تفكر في مجموعة من الأبقار،أو قطيع من الغزلان و هو في حالة تنقل جماعي أو هجرة. ونحن نعرف أنه إذا اقترب أسد للهجوم على فريسته، فإن الفرد يكون بأمان أكثر لأنه جزء من القطيع وبالمنطق نفسه، فإنك في أمان أكثر عندما يكون معظم الأشخاص حولك لديهم مناعة ضد أحد الأمراض و هذا بالاساس ما يفعله اللقاح.
فعندما يصل أحد الأمراض المعدية إلى مجموعة من الأشخاص الذين لم يحصلوا على اللقاح، يمكن أن ينتشر المرض بسرعةو تسبب العدوى انتشاره وهلاك المجموعة بطريقة يسيرة لأنه لا توجد لدى هذه المجموعة مناعة ضد هذا المرض.
أما إذا كان لدى أغلب الأشخاص “القطيع” مناعة فإنك بهذا تحصل على بعض الحماية غير مباشرة. فبفضل هؤلاء، يقل احتمال أن تتعرض للاحتكاك بشخص لديه ذلك الفيروس وهذا هو عمل “مناعة القطيع”. ولكن عندما يكون عدد أكبر من الأشخاص ليس لديه مناعة، فلن يحالفك الحظ حيث يقل عدد الأشخاص الذين يحجبون عنك ذلك المرض. و بالتالي فانك ستتعرض للعدوى بطريقة أسهل وأسرع.
صحيح أنه يمكن لتدابير التباعد البدني الواسعة النطاق والقيود المفروضة على الحركة، والتي يشار إليها عادة باسم “الحجر الشامل”، إلى إبطاء انتقال العدوى من خلال الحد من المخالطة بين الناس. ومع ذلك فقد تترك هذه التدابير أثراً سلبياً عميقاً على الأفراد والمجتمعات المحلية والمجتمعات الأوسع نطاقاً حيث تكاد الحياة الاجتماعية والاقتصادية تتوقف بسببها. وتؤثر هذه التدابير بشكل غير متناسب على الفئات المحرومة، بما في ذلك الفقراء محدودي الدخل والذين يعتمدون لكسب عيشهم على العمل اليومي. وفي اطار آخر فان مناعة القطيع أيضا يمكن أن تتحقق ليس فقط باللقاح ولكن بالعدوى الجماعية وتستند هذه الاستراتيجية ببساطة إلى ممارسة الحياة بشكل طبيعي، بحيث يصاب معظم أفراد المجتمع بالعدوى، وبالتالي تتعرف أجهزتهم المناعية على الفيروس، ومن ثم تحاربه إذا ماحاول مهاجمتها مجددا.
أضرار الاستراتيجيات المتبعة
لكن المختصين يحذرون من هذه الاستراتيجية في ظل إغراق المستشفيات بالمرضى. وأعرب جيريمي روسمان، أستاذ علم الفيروسات في جامعة كينت البريطانية، عن اعتقاده أن مناعة القطيع قد تكون غير فعالة في مواجهة فيروس كورونا، مرجعا عدم نجاعة هذه الاستراتيجية إلى تطور الفيروس جينيا وتطوير سلوكه، الأمر الذي قد يحتاج إلى طرق جديدة لمكافحته.
ويقول مارك وولهاوس، أستاذ علم الأوبئة والأمراض المعدية في جامعة إدنبرة في أسكتلندا، إن مناعة القطيع يمكن أن تحدث بشكل طبيعي إذا تعرض عدد من الناس للعدوى، إذ يكوّنون أجساما مناعية مضادة تكسر شوكة الفيروس، ولن يكون بمقدوره الانتشار على نطاق واسع.
لكن وولهاوس أكد في الوقت نفسه في تصريح لصحيفة “إندبندنت” البريطانية، أن استرايجية مناعة القطيع لن تكبح تماما تفشي الفيروس أو تمنع انتشاره بشكل كامل، خصوصا في مجتمعات لم تكتسب المناعة بعد
أسباب انتشار الفيروس على النطاق العالمي
وإظافة لذلك فان المسافرون يشكلون تحديا محتملا أو قد يكونون تهديدا على طريق الوصول إلى مناعة القطيع، حيث إنهم ينقلون السلالات الجديدة المتحورة من الفيروس إلى مجتمعات يستطيع الفيروس فيها الهروب من المناعة، ويحدث ذلك غالبا من خلال الأفراد الأكثر ضعفا. من هنا، توجب على الدول فحص المسافرين القادمين إليها خاصة أولئك الذين لديهم مخاطر كبيرة بشأن التعرض للأمراض المعدية، أو القادمين من مناطق اكتشف فيها مؤخرا سلالات متحورة جديدة.
وبذلك يمكن لنا فهم مدى فاعلية التطعيم الجماعي من خلال مفهوم مناعة القطيع؛ فالتطعيم الجماعي يحسن القدرة على مقاومة الفيروس؛ وبالتالي تتحقق مناعة القطيع. وفي الواقع، عندما يواجه الفيروس المزيد من الأشخاص المطعمين باللقاح تنكسر سلسلة العدوى الفيروسية ويتوقف انتشاره ويتراجع تدريجيا ولهذا، فإن اللقاحات تلعب دورًا أساسيًا في حماية الشعوب.
فهذه المرة، من الأفضل ألا تكون مميزًا عمن حولك،فهذه ميزة أن تكون جزءًا من القطيع !
بقلم مروى السندي